للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله في الحكمة والموعظة، وقوله: (الرواية الكاذبة) لا ريب أنّ في صحف أهل الكتاب التي كان كعب يحكي عنها ما هو كذب، فمن صحفهم ما أصله من كتب الأنبياء ولكن حُرِّف وزِيد فيه ونُقص، ومنها ما هو منسوب إلى بعض الأنبياء كذبًا، وعندهم عدة كتب كذلك، ومنها ما هو من كتب أحبارهم. فأما أن يكون كعب كذب فهذا لم يثبت، وسيأتي الكلام فيه.

قال: (ثم لم يلبث عمر أن تفطَّن لكيده وتبيَّن له سوء دِخْلته، فنهاه عن الرواية عن النبي (١)، وتوعده إن لم يترك الحديث عن رسول الله أو ليلحقنَّه بأرض القِرَدة).

أقول: هذا مِن دَجَل أبي رية، لم يتبين لعمر من كعبٍ كيد ولا سوء دِخْلة، ولا كان كعب يروي عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -؛ وإنما كان يحكي عن صحف أهل الكتاب، فإن كان عمر نهاه فعن ذلك. والحكاية التي تشبَّث بها أبو رية عزاها إلى «البداية والنهاية» (٨: ١٠٦) (٢) وهي هناك: «وقال لكعب الأحبار: لتتركنَّ الحديث عن الأُوَل أو لألحقنك بأرض القردة». قال: «عن الأُوَل» فأبدلها الشاطر أبو ريَّة بقوله: «عن النبيّ ــ عن رسول الله» (٣). ومعها في «البداية والنهاية» كلمة تتعلق بأبي هريرة ذكرها أبو ريَّة ص ١٦٣، وسيأتي


(١) قوله: «عن النبيّ ــ عن رسول الله» هو أساس المكيدة كما مرت الإشارة إلى مثله ص ٧٣ [١٤٥] يحاول أبو ريَّة أن يمكّنه. [المؤلف].
أقول: غيَّر أبو ريَّة العبارة في الطبعات اللاحقة إلى «فنهاه عن الحديث» بعدما كُشِفت حيلته.
(٢) (١١/ ٣٧١ ــ دار هجر).
(٣) وهكذا يزوّر أبو ريَّة لتمكين أساس تلك المكيدة. [المؤلف].
أقول: أصلح أبو ريَّة النصَ في الطبعات اللاحقة بعدما تبين تغييره وتصرفه في النصوص لخدمة أهوائه.