للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَحْذَرُه ولا يحذِّر الناس منه؟

أما قصة الصخرة فرواها الإمام أحمد (١) من طريق حماد بن سلمة عن أبي سنان [عيسى بن سنان القَسْملي] عن عُبيد بن آدم قال: «سمعت عمر يقول لكعب: أين ترى أن أُصَلِّي؟ قال: إن أخذتَ عنّي صلَّيْتَ خلف الصخرة، وكانت القدس كلها بين يديك. فقال عمر: ضاهيت اليهودية، لا، ولكن أُصلِّي حيث صلَّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -».

عُبيد (٢) هذا لم يُذْكَر له راوٍ إلا أبو سنان، وأبو سنان (٣) ضعَّفه الإمام أحمد نفسه وابن معين وغيرهما، وقال أبو زرعة: «مخلّط ضعيف الحديث»، ولا ينفعه ذكر ابن حبان في «الثقات» لما عُرِف من تساهل ابن حبان، ولا قول العجلي: «لا بأس به»؛ فإن العجلي قريب من ابن حبان أو أشد، عرفتُ ذلك بالاستقراء. ومع هذا فليس في القصة ما يُشعر بسوء دخيلة، عَرَف كعبٌ فضيلةَ بيت المقدس في الإسلام بنص القرآن، وعلم أنه كان قبلة المسلمين أَوّلًا فظنّ أنه الأفضل للمصلّي هناك أن يجعله كله بينه وبين الكعبة. ورأى عمر أن في هذا مضارعة أي مشابهة لليهودية، فيما عُلِم من الإسلام خلافه، وهو صلاة النبيّ - صلى الله عليه وسلم -. هذا على فَرْضِ صحة الرواية.

وذكر أبورية ص ١٢٦ - ١٢٧ روايةً أخرى عن «تاريخ الطبري» (٤). وهي في التاريخ منقطعة الأول والآخر، إنما قال: «وعن رجاء بن حَيْوَة عمن


(١) (٢٦١).
(٢) ترجمته في «التاريخ الكبير»: (٥/ ٤٤١)، و «الجرح والتعديل»: (٥/ ٤٠١).
(٣) ترجمته في «تهذيب التهذيب»: (٨/ ٢١١ ــ ٢١٢).
(٤) (٢/ ٥٥٩ ــ دار الكتب).