للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فمن الجائز ــ إن صحت تلك الحكاية ــ أن يكون كعب استند إلى بعض هذه العلامات أو شبهها، وقد يكون مع ذلك وجد في صحفه إشارةً فَهِم منها بطريق الرمز مع النظر إلى القرائن والعلامات السابقة أن عمر لا يعيش بعد تلك السَّنَة.

وبعد، فسند الحكاية غير صحيح، تفرَّد بها عن مالك رجلٌ يقال له: «عبد الوهاب بن موسى» لا يكاد يُعْرَف، وليس من رجال شيء من كتب الحديث المشهورة، ولا ذُكِر في «تاريخ البخاري» ولا كتاب ابن أبي حاتم، بل قال الذهبيّ في «الميزان» (١): «لا يُدْرَى مَن ذا الحيوان الكذَّاب». وفي مقدمة «صحيح مسلم» (٢): «الذي نعرف من مذهبهم في قبول ما يتفرَّد به المحدِّث من الحديث: أن يكون قد شارك الثقات من أهل العلم والحفظ في بعض ما رووا، وأمعن في ذلك على الموافقة لهم، فإذا وُجِد كذلك، ثم زاد بعد ذلك شيئًا ليس عند أصحابه قُبِل منه (٣) ... ». وهذا الرجل لم يُمعن في المشاركة فضلًا عن أن يكون ذلك على [ص ٨٠] الموافقة. لكن هذا الشرط لا يتقيَّد به بعضُ المتأخِّرين كابن حبان والدارقطني. ومن ثَمَّ ــ والله أعلم ــ وثَّق الدارقطنيُّ عبدَ الوهاب هذا، وزعم أن الخبر صحيح عن مالك. أما بقية سنده عن مالك فهو عن عبد الله بن دينار عن سعد الجاري، وسعد الجاري غير مشهور ولا موثَّق، ولا يُدرى أدركه عبد الله بن دينار أم لا.


(١) (٣/ ٣٩٨). وانظر تعقب الحافظ ابن حجر للذهبي في «لسان الميزان»: (٥/ ٣٠٨ ــ ٣١٠).
(٢) (١/ ٧).
(٣) في «الصحيح»: «قُبِلت زيادته».