للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأبي شامة، وأبو شامة من علماء الشافعية في القرن السابع (١) بينه وبين محمد بن الحسن عدة قرون، ولا ندري من أين أخذ هذا. وقد احتاج العلَّامة الكوثري في رسالته «الترحيب» (ص ٢٤) (٢) إلى هذه الحكاية. ومع سَعَة اطلاعه على كتب أصحابه الحنفية وغيرهم لم يجد لها مصدرًا إلا مصدر أبي ريَّة هذا. وحكايةٌ مثل هذه عن محمد بن الحسن عن أبي حنيفة لا توجد في كتب الحنفية أيّ قيمةٍ لها؟ (٣).

هذا، والحكاية لا تتعرَّض للأحاديث التي يرويها الصحابة، وإنما تتعلَّق بقول الصحابي الموقوف عليه هل يجوز لمن بعده مخالفته برأيه؟ فحاصلها أنَّ أبا حنيفة يقول: إنه لا يخالف قول أحدٍ من الصحابة برأيه سوى أولئك الثلاثة.

فأقول: أما أنس فراجع «طليعة التنكيل» الطبعة الثانية (ص ١٠١ - ١٠٨) (٤). وأما أبو هريرة فقوله فيه: «يروي كلّ ما سمع». يعني بها: كلّ ما سمعه من الأحاديث، وليس هذا بطعن في روايته ولا هو المقصود، وإنما هو مرتبط بما بعده وهو قوله: «من غير ... » والمدار على هذا، يقول: إنه لأجل هذا لا يوثَق بما قاله برأيه؛ إذ قد يأخذه من حديث منسوخ ونحو ذلك،


(١) توفي سنة (٦٦٥ هـ).
(٢) (ص ٣١٧ ــ بذيل تأنيب الخطيب).
(٣) ذكر هذا القول صاحب «المحيط البرهاني»: (٨/ ٤٠٨ ــ ٤١٠ ــ دار إحياء التراث). ووفاته سنة (٥٧١ هـ) ولم يُسند الخبر؛ فالقول فيه كالقول في أبي شامة. وانظر «التنكيل»: (١/ ٢١ - ٢٢) للمؤلف.
(٤) (ص ٧٨ - ٨٥ ــ طبعتنا).