للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقول: جوابُ الحكاية في تتمتها التي حذفها أبو ريَّة وأخفى المصدر، وقد كنتُ وقفتُ عليها بتمامها في «تاريخ بغداد» أحسب، ولم أهتد إليها الآن (١)،

وقد كان يحضر مجلس الرشيد بعض رؤوس البدعة كبِشر


(١) هي فيه (١١/ ١٩٦ ــ ١٩٧) في ترجمة عمر بن حبيب العدوي.
أقول: وقد بتر القصة أبو رية كما هي عادته، وفي آخرها رجوع الرشيد إلى الحق واعترافه بخطئه. هذا لو كانت القصة ثابتة، فكيف وفي سندها محمد بن يونس الكُدَيمي وهو متهم بالوضع. انظر «الكامل»: (٦/ ٢٩٢)، و «الكشف الحثيث» (ص ٢٥٤).

والقصة كما رواها الخطيب في «تاريخه» قال: أخبرني الأزهري حدثنا عبيد الله بن محمد بن حمدان العكبري، حدثنا أبو بكر محمد بن القاسم النحوي، حدثنا أبو العباس محمد بن يونس الكُديمي، حدثنا يزيد بن مرة الزارع، قال: حدثنا عمر بن حبيب قال: حضرت مجلس هارون الرشيد، فجرت مسألة، فتنازعها الحضور وعلت أصواتهم، فاحتجّ بعضهم بحديث يرويه أبو هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فرفع بعضهم الحديث وزادت المدافعة والخصام حتى قال قائلون منهم: لا يحل هذا الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فإن أبا هريرة متهم فيما يرويه وصرحوا بتكذيبه، ورأيت الرشيد قد نحا نحوهم ونصر قولهم، فقلت أنا: الحديث صحيح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأبو هريرة صحيح النقل صدوق فيما يرويه عن نبي الله وغيره، فنظر إليَّ الرشيد نظر مُغضب، فقمت من المجلس فانصرفت إلى منزلي، فلم ألبث حتى قيل: صاحب البريد بالباب، فدخل عليّ فقال لي: أجب أمير المؤمنين إجابة مقتول وتحنّط وتكفّن، فقلت: اللهم إنك تعلم أني دفعت عن صاحب نبيك وأجللت نبيك - صلى الله عليه وسلم - أن يُطْعَن على أصحابه، فسلّمْني منه، فأُدخلت على الرشيد وهو جالس على كرسي مِن ذهب، حاسر عن ذراعيه، بيده السيف وبين يديه النطع، فلما بصر بي قال لي: يا عمر بن حبيب ما تلقَّاني أحدٌ من الرد والدفع لقولي بمثل ما تلقيتني به، فقلت: يا أمير المؤمنين! إن الذي قلتَه وجادلتَ عليه فيه إزراء على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى ما جاء به، إذا كان أصحابه كذَّابين فالشريعة باطلة والفرائض والأحكام في الصيام والصلاة والطلاق والنكاح والحدود كله مردود غير مقبول، فرجع إلى نفسه ثم قال لي: أحييتني يا عمر بن حبيب أحياك الله، أحييتني يا عمر بن حبيب أحياك الله. وأمر لي بعشرة آلاف درهم. ا? .