للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

خطأ لخالد أو شَريك، سمع المتن من بعض تلك الأوجه الأخرى المرويَّة عن عليّ أو غيره ممن سَلَفَ ذِكْرُه، وسمع حديثًا آخر بهذا السند ثم التبسا عليه فغلط، روى هذا المتن بسند الحديث الآخر. فإنْ كان الواقع هكذا فلم يحدِّثْ أبو هريرة بهذا، [ص ١٤٠] وإلا فهو مِنْ جملة الأحاديث التي تحتاج ككثير من آيات القرآن إلى تفسير، وقد فسَّره أهلُ العلم بما تجده في «الفتح» (١) وفي «الأسماء والصفات» (ص ٣٤٥ - ٣٤٨) (٢). وقد أومأ البخاريُّ إلى حاله فلم يخرجه إلا في باب التواضع من كتاب الرِّقاق (٣).

قال أبو ريَّة: (ومن له حاسة شمَّ الحديث يجدْ في هذا الحديث رائحة إسرائيلية).

أقول: قد عَلِمنا أن كلامَ الأنبياء كلَّه حقٌّ من مشكاة واحدة، وأن الربّ الذي أوحى إلى أنبياء بني إسرائيل هو الذي أوحى إلى محمد - صلى الله عليه وسلم -. ولو جاز الحكم بالرائحة لما ساغ أدنى تشكّك في حكم البخاري؛ لأنه أعرف الناس برائحة الحديث النبوي، وبالنسبة إليه يكون أبو ريَّة أخْشَم فاقد الشمّ أو فاسده.

وعلَّق في الحاشية أيضًا: (يبدو أن أستاذ أبي هريرة في هذا الحديث هو وهب بن منبه، فقد وقع في «الحلية» في ترجمة هذا ... إني لأجد في كتب الأنبياء أن الله تعالى يقول: ما تردَّدتُ عن شيء قطّ تردُّدِي عن قبض روح المؤمن).

أقول: في سنده من لم أعرفه، وقد ذكروا أنَّ وهبًا روى عن أبي هريرة، ولم يذكروا أن أبا هريرة حكى شيئًا عن وهب، ووهبٌ صغير إنما ولد في


(١) (١١/ ٣٤٢ ــ ٣٤٧).
(٢) (٢/ ٣٨٤ ــ ٣٨٥).
(٣) (٦٥٠٢).