للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

- صلى الله عليه وسلم - ليلة الإسراء حق، لكن منه ما كان بضَرْبٍ من التمثيل يحتاج إلى تأويل، وقد ذُكِر في بعض الروايات أشياء من هذا القبيل، انظر «فتح الباري» (١٥٣: ٧) (١)، فقد يقال: إنّ سدرة المنتهى مع أنها حقيقة ضُرِبت مثلًا لكلمة الإسلام، على نحو قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ} [إبراهيم: ٢٤] الآيات، وجعل مغرسها مثلًا للأرض التي ستثبت فيها كلمة الإسلام في الدنيا، والأرض التي يرثها أهله في الجنة، فرمز إلى الأولى بما فيه مثال النيل والفرات، وإلى الثانية بما فيه مثال النهرين اللَّذَيْنِ في الجنة، وكأنه قيل للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: هذه كرامتك، كما يدفع المَلِكُ إلى من يكرمه وثيقةً فيها رسم أرض معروفة فيها قصر وحديقة، فيكون معنى ذلك: أنه أنعم بها عليه. أما سيحون وجيحون فلا ذِكْر لهما، نعم في حديث لمسلم (٢) تقدم (ص ١٣٢) ذِكْر سيحان وجيحان، وهما غير سيحون وجيحون.

ثم قال أبو ريَّة ص ٢١٥: (كلمة جامعة ... انتهى العلامة السيد رشيد رضا في تفسيره ... إلى هذه النتائج القيمة: ١ - أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يعلم الغيب ... وإنما أعلمه الله ببعض الغيوب بما أنزل عليه في كتابه، وهو قسمان: صريح ومستنبط).

أقول: اقتصر أبو ريَّة على هذا، مع أن في ذاك الموضع من «تفسير المنار» (٥٠٤: ٩) زيادة فيها: «٢ - إن الله تعالى أعلمه ببعض ما يقع في المستقبل بغير القرآن من الوحي ... ٣ - إنه كان يتمثل له - صلى الله عليه وسلم - بعض أمور المستقبل كأنه يراه، كما تمثَّلت له الجنة والنار عُرْض الحائط، وكما تمثّل له


(١) (٧/ ٢١٤ ــ ٢١٦).
(٢) (٢٨٣٩). وانظر (ص ٢٥٥).