للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما قوله تعالى في أوائل سورة يس: {لِتُنْذِرَ قَوْمًا مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ} [يس: ٦]، فالمراد آباؤهم الأدنون، كما هو الحقيقة، فإن حُمِل على ما يعمُّ الأجداد وإن عَلَوا فلا بُدَّ من قصره على بعض الطبقات لما تقدم.

وأما القول بأن شريعة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام قد كانت اندرست قبل بعثة محمد صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، فخطأ القائلين به من وجهين:

الأول: أنهم يطلقون القول بعذر المشركين الذين هلكوا قبيل بعثة محمد صلَّى الله عليه وآله وسلَّم وآبائهم وأجدادهم فصاعدًا، وقضية ذلك: أن شريعة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام اندرست قبل أن يشرك أحد من العرب، وهذا قول لا دليل عليه، بل الدليل قائمٌ على خلافه.

[ز ١٥] (١) فقد ثبت عن النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أنه قال: "رأيتُ عمرو بن لُحَيِّ بن قَمَعة بن خِندِفَ أخا بني كعبٍ هؤلاء يجرُّ قُصْبه في النار"، وفي روايةٍ: "وكان أول من سيَّب السُّيوب" (٢).

والحديث في المستدرك وفيه: "هو أول من حمل العرب على عبادة الأصنام"، وفي رواية: "هو أوَّل من سيَّب السوائب وغيَّر دين إبراهيم عليه


(١) من هنا تبدأ القطعة المسمّاة في فهرس المكتبة (رسالة في العقيدة)، وهي متَّصلةٌ بما قبلها كما ترى.
(٢) صحيح مسلمٍ، كتاب الجنة إلخ، بابٌ النار يدخلها الجبَّارون إلخ، ٨/ ١٥٥، ح ٢٨٥٦. ونحوه في صحيح البخاريِّ، كتاب المناقب، باب قصَّة خزاعة، ٤/ ١٨٤، ح ٣٥٢١. [المؤلف]