للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ص ٣٠٩: (وقال صاحب «العَلَم الشامخ»: قد اختلفت آراء الناس واجتهاداتهم في التعديل والتجريح، فترى الرجل الواحد تختلف فيه الأقوال حتى يوصف بأنه أمير المؤمنين وبأنه أكذب الناس، أو قريب من هاتين العبارتين).

[ص ١٩٣] أقول: قد تقدم (ص ١٨٩) (١) أن المختلَف فيهم قليل، ولا تبلغ كلمتان في رجل واحد هذا التفاوت الذي ذكره ولا ما يقاربه إلا قليلًا حيث يكون في إحداهما خلل، وللخلل أسباب وعلامات بسطتُ القولَ فيها بعضَ البَسْط في «التنكيل» (٢).

والناظرون في العلم ثلاثة: مخلص مستعجل يجأر بالشكوى، ومُتَّبع لهواه فأنَّى يهديه الله، ومخلص دائب فهذا ممن قال الله تعالى فيهم: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت: ٦٩]. وسُنَّة الله عز وجل في المطالب العالية والدرجات الرفيعة: أن يكون في نيلها مشقَّة؛ ليتمّ الابتلاء ويستحقّ البالغ إلى تلك الدرجة شَرَفَها وثوابَها، قال الله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} [محمد: ٣١].

وذَكَر عن السيد رشيد رضا: «إن توثيقَ كلّ من وثَّقه المتقدمون وإن ظهر خلاف ذلك بالدليل يفتحُ بابَ الطعن في أنفسنا بنَبْذ الدليل ... ».

أقول: هذا حق، ولكن الشأن في الدليل الصحيح الذي [لا] (٣) يعارضه ما هو أقوى منه.


(١) (ص ٣٥٧ ــ ٣٥٨).
(٢) (١/ ١٠٤ - ١٢٤).
(٣) سقطت من (ط).