للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الممالئ على قتل أخيه في ظنه عليٍّ؟ وكم حديثًا روى في فضل نفسه ليدافع ما لحقه من الشهرة بشرب الخمر؟ هالنا أننا لا نجد له روايةً البتة، اللهم إلا أنه رُوِيَ عنه حديث في غير ذلك لا يصح عنه، وهو ما رواه أحمد وأبو داود من طريق رجل يقال له: أبو موسى عبد الله الهَمْداني عن الوليد بن عقبة قال: «لما فتح النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - مكة جعل أهل مكة يأتونه بصبيانهم فيمسح على رؤوسهم ويدعو لهم، فجيء بي إليه وأنا مطيَّب بالخَلُوق فلم يمسح رأسي، ولم يمنعه من ذلك إلا أن أمي خلَّقتني بالخَلُوق، فلم يمسني من أجل الخَلُوق» (١).

هذا جميع ما وجدناه عن الوليد عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - وأنت إذا تفقَّدْتَ السند وجدتَه غير صحيح لجهالة الهَمْداني، وإذا تأملت المتن لم تجده منكرًا ولا فيه ما يمكن أن يُتّهم فيه الوليد، بل الأمر بالعكس فإنه لم يذكر أنّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - دعا له، وذكر أنه لم يمسح رأسه، ولذلك قال بعضهم: قد علم الله تعالى حاله فحَرَمَه بركة يَدِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ودعائه (٢). أفلا ترى معي في هذا دلالة واضحة على أنه كان بين القوم وبين الكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - حِجْرٌ محجور؟

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في «رده على الإخنائي» (ص ١٦٣) (٣):


(١) أخرجه أحمد (١٦٣٧٩)، وأبو داود (٤١٨١)، والحاكم: (٣/ ١٠٠) وغيرهم.
(٢) نقل الحاكم في «المستدرك»: (٣/ ١٠٠) عن الإمام أحمد قوله: «وقد روي أنه أسلم يومئذ. فتقذَّره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يمسّه، ولم يدعُ له، والخَلوق لا يمنع من الدعاء، لا جُرم أيضًا لطفل في فعل غيره، لكنه مُنع بركة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لسابق علم الله تعالى فيه والله أعلم» اهـ. فلعلّ المصنف أراد هذا.
(٣) (ص ٢٨٧ ــ دار الخرّاز).