أما الذي يدُلُّ عليه صنيعك يا أبا ريَّة، فهو أنه لولا شدَّة خوفك من نقضهم كلامَك ما حاولت أن تتّقيهم بهذا السلاح.
[ص ١] وبينا هو يطعن على الصحابة والأئمة، ويخالف علماء المسلمين كلهم؛ إذا به ينكر على بعض كبار العلماء مخالفته لعالمٍ أو عالمين من المتأخرين. انظر تعليقه على ص ٣٨ ــ ٣٩، وراجع مصادره التي أحال عليها ليتبيَّن لك صنيعه.
وبينا هو يذكر كثرة الأحاديث الموضوعة والواهية في الكتب العلمية؛ إذا به يحتجّ بكلّ ما يوافق هواه في أيِّ كتاب كان، بدون نظر إلى سندٍ ولا مستندٍ، كما فعل في ترجمة أبي هريرة.
وبينا هو يقلّل من شأن أئمة الأُمَّة بما يعلم منه أنه لو احتجَّ عليه بكلامهم لم يقبله، بل قد رأى كثيرًا من كلامهم فأعرض عنه وخالفهم فيه؛ إذا به يحتجّ بكلام أبي حيّان التوحيدي، وابن أبي الحديد، ومحمد عبده، ورشيد رضا، وطه حسين، ولهذا نظائر كثيرة في كتابه.
لماذا لم يأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بكتابة الحديث؟
للعلماء قولان في نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن كتابة الحديث، منهم مَن يقول: إنه لم يَنْه، ومنهم مَن يقول: إنه نهى ثم رخَّص. فذكر أبو ريَّة هذه المسألة وجَمَد على النهي وساق ما ورد فيه، وزعم أنه أصح مما ورد في الترخيص، فذكر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حديثين:
أحدهما: حديث أبي سعيد، نَسَبه أبو ريَّة إلى "صحيح مسلم"(١) وغيره