للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومَن كتب عنّي غيرَ القرآن فليَمْحُه ... " الحديث.

والثاني: ما رواه ابن عبد البر في "كتاب العلم" (١) من طريق كثير بن زيد بن المطلب بن عبد الله بن حنطب قال: "دخل زيد بن ثابت على معاوية فسأله عن حديث وأمر إنسانًا أن يكتبه. فقال له زيد: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمرنا أن لا نكتب شيئًا من حديثه".

فأما الحديث الأول، فقال ابن حجر في "فتح الباري" (٢): "ومنهم مَن أعلَّ حديث أبي سعيد وقال: الصواب وقْفُه على أبي سعيد؛ قاله البخاري وغيرُه". يعنون أن أصل الخبر بقريب من هذا اللفظ من قول أبي سعيد، فوهِم بعضُ الرواة فَرَفعه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.

والبخاريُّ وغيره إنما يقولون مثل هذا حيث يكون عندهم دلائل على ذلك؛ كأنْ يُروى من وجه آخر أثبت من هذا موقوفًا على أبي سعيد. وكثير من كتب الأثر لاسيَّما التي تُعنى بالموقوفات ليست عندي. نعم، في "كتاب العلم" (٣) لابن عبد البر عن أبي نضرة: "قيل لأبي سعيد: لو أكْتَبْتَنا الحديث؟ فقال: لا نُكْتِبُكم، خذوا عنَّا كما أخذنا عن نبينا - صلى الله عليه وسلم - وفي رواية: "قلتُ لأبي سعيد الخدري: ألا نكتب ما نسمع منك؟ قال: أتريدون أن تجعلوها مصاحف؟ ! إن نبيَّكم - صلى الله عليه وسلم - كان يُحدِّثنا فنحفظ، فاحفظوا كما كنّا نحفظ". وفي رواية: " ... أردتم أن تجعلوه قرآنًا! لا، لا، ولكن خذوا عنَّا كما أخذنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ".


(١) (١/ ٢٧١) وتقدم (ص ٤٥).
(٢) (١/ ٢٠٨).
(٣) (١/ ٢٧٢ ــ ٢٧٣).