للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لقي فيه زيد بن عمرو بن نفيل فحيّا أحدهما الآخر بتحية الجاهلية (١)، فقال له رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: ما لي أرى قومك قد شَنَفُوكَ (٢)؟ قال: أما والله إنَّ ذلك لغير نائرةٍ (٣) كانت منِّي إليهم، ولكني أراهم على ضلالةٍ، قال: فخرجت أبتغي هذا الدين حتى قَدِمْتُ على أحبار يثرب، فوجدتهم يعبدون الله ويشركون به (٤)، فقلت: ما هذا بالدين الذي أبتغي، فخرجت حتى أقدم على أحبار خيبر فوجدتهم كذلك، فقلت: ما هذا بالدين الذي أبتغي، فقال لي حبر من أحبار الشام: إنك تسأل عن دينٍ ما نعلم أحدًا يعبد الله به إلا شيخًا بالجزيرة، فخرجت حتى قَدِمْتُ إليه فأخبرته الذي خرجت له فقال: إن كل مَنْ رأيته في ضلالة، إنك تسأل عن دينٍ هو دين الله وملائكته، وقد خرج في أرضك نبيٌّ أو هو خارج يدعو إليه، ارجع إليه وصدِّقه واتَّبِعْهُ وآمن بما جاء به، فرجعت فلم أحس شيئًا بعد، فَأَنَاخَ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم البعير الذي كان تحته، ثم قدمنا إليه السفرة التي كان فيها الشواء، فقال: ما هذه؟ فقلنا: هذه شاةٌ ذبحناها لنصب كذا وكذا، فقال: إني لا أكل ما ذُبِح لغير الله.

قال: وكان صنمٌ من نحاسٍ يُقال له إساف ونائلة يتمسح به المشركون


(١) يعني قولهم: "عِمْ صباحًا" أو نحوها. [المؤلف]
(٢) أي أبغضوك. [المؤلف]. وفي بعض المصادر: "شنفوا لك"، وكلاهما مذكور في كتب اللغة.
(٣) أي: عداوة. انظر: النهاية: نور.
(٤) هذا لفظ الذهبي في تلخيص المستدرك، وفي المستدرك بدلها: " ... على أحبار أيلة، فوجدتهم يعبدون الله ولا يشركون به" كذا، والظاهر أن كلمة (لا) من زيادة النسَّاخ. [المؤلف]