أبي أُمامة قال:«توفي رجل من أهل الصُّفة، فوجد في مئزره دينار، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كَيّة. قال: ثم توفي آخر، فوجد في مئزره ديناران، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كَيّتان».
وأخرج (٥/ ٢٥٢)(١) من طريق شعبة، أنا قتادة قال:«سمعت أبا الجعد ... مولى لبني ضُبيعة عن أبي أمامة ... بمعنى حديث شهر».
أقول: وأهل الصُّفة كان عامّتهم ممن وصفهم الله عز وجل بقوله: {لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا}[النساء: ٩٨] أي: لطلب المعاش.
فكانوا بالمسجد النبوي يكفُون الصحابةَ عدّة أعمال، منها: تلقّي ما يتجدّد من الكتاب والسنة.
ومنها: الاستعداد لما يوجّههم النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إليه من المصالح، كأن يرسل أحدهم ليدعو رجلًا أو يبلّغه، أو نحو ذلك.
ومنها: أنهم بمثابة حرس.
فكان على سائر المسلمين أن يقوموا بمعيشة هؤلاء، فكانوا يقومون بذلك تارةً باسم الهدية إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وتارة باسم الصدقة لأهل الصُّفة.
فكان مَن يكون مع أهل الصّفة متعرّضًا لما يأتي باسم الصدقة، ولم يكن له ذلك إلا أن يكون فقيرًا عاجزًا، فكان الذي أقام نفسَه معهم وعنده دينار أو ديناران مسيئًا، فلذلك ــ والله أعلم ــ استحقّ العقوبة. والله أعلم.