للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقالت: «سل عليًّا، فإنه أعلم بذلك مني»، وفي رواية: «فإنه كان يسافر مع النبي - صلى الله عليه وسلم -». ومعلوم أن بيان التوقيت لا يتكرر في كل سفر، ولم تشهد هي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - جميعَ أسفاره، فمثل هذا لا يتعجَّب من جهلها به. أما التطوع الذي يتكرر كل يوم، فجهلها به عجيب ولا بد (١).

على أن المُستَنْكَر هنا تفرّد عاصم عن علي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلم يتابعه أحد عن علي، ولا روى مثله أحد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -. والأقرب في الجواب، إنما هو ردّ دعوى نقل المداومة.

ولفظ الحديث، كما في «مسند أحمد» (١/ ١٦٢): ... غُنْدر عن شُعبة عن أبي إسحاق قال: سمعت عاصم بن ضَمْرة يقول: سألنا عليًّا رضي الله عنه عن صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من النهار. فقال: « ... إذا كانت الشمس من ههنا كهيئتها من ههنا عند العصر صلى ركعتين، وإذا كانت الشمس من ههنا كهيئتها من ههنا عند الظهر صلى أربعًا، ويصلي قبل الظهر أربعًا، وبعدها ركعتين، وقبل العصر أربعًا ... ».

فالعبارة لا تقتضي المدوامة، غاية الأمر أنها تقتضي تكرر ذلك.

على أن في رواية عند البيهقي آخر الحديث: «وقلّ ما يداوم عليها»، لكن في «مسند أحمد» وغيره: «وقلّ من يداوم عليها».

[ص ٥٧] هذا، والأربع قبل الظهر، والركعتان بعدها، قد جاءت في


(١) ذكر الجوزجاني هذا في كتابه (٣٧) فقال: «فإن قال قائل: كم من حديث لم يروه إلا واحد! قيل: صدقت. كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يجلس فيتكلم بالكلمة بالحكمة لعله لا يعود لها آخر دهره، فيحفظها عنه رجل، وهذا ركعات ــ كما قال عاصم ــ كان يداوم عليها. فلا يشتبهان» اهـ.