للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدٌ غيري، وإذا حمّلتموه ما لا يطيق ما تقوموا يوم (١) إلَّا وقد شَرَد، ولا عيب عليه ولا حجة مني إليه إذا شرد؛ فإني أنا لو حَمَلْتها بدون مساعدٍ شردت وتركتها.

وربما تعرّضت أنا في بعض الأشغال فيخاصمني، ويقول لي: ما لَكَ قدرة على تحمّل الأمور كلها، وهؤلاء إخواننا لو لقوا مَن يتحمل عنهم أشغال بيوتهم رموها على ظهره ورقدوا والحال على ذلك.

وفي أثناء مدة القضاء فما بعدها لا أزال أقدّم له الاستعفاء من ذلك لأتفرغ لخدمة العلم، فيعِدُني أنه سيُحضِر مساعدين في الخدمة، ويسمح لي بذلك، حتى إني عرضت إلى سيدي الحسن (٢) أستشيره، لعله في ربيع سنة ١٣٤١، وكان قصدي حينئذ الشَّرْدَة، فصبَّرني سيدي الحسن وسلّاني.

ثم في "صبيا" قبل موت سيدنا ــ قدّس سرّه ــ بمدة يسيرة رفعتُ له ورقة طلب الإذن إلى مصر أو السودان، للتفرُّغ لطلب العلم، فبقي تلك الأيام يَعِظُنا معشرَ الإخوان موعظةً عمومية، ويحضّنا على الثبات، فقدمتُ له ورقة أني تُبت من ذلك، ولكن على أن يَعِدَني أنه يسعى في حصول مَن يكفيني العمل، وأبقى بحضرته لخدمة العلم فقط، فقال: هذا هو عزمنا بدون طلبك، لأني أعرف قدر المشقة التي عليك بالاشتغال عن العلم، وإن شاء الله تعالى تبلغ المراد. ثم قضى الله تعالى بوفاته".

فهذا حال الشيخ وكيف تدرّجت به الأمور من حين مقدمه إلى وفاة


(١) كذا، يعني: لا تنتبهون أو لا تستيقظون.
(٢) الحسن بن علي الإدريسي أخو الإمام محمد بن علي. انظر "تاريخ المخلاف السليماني": (٢/ ٩٠٠ فما بعدها).