للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يعلمون منه إلا خيرًا إلا قال الله تعالى: قد قبلت قولكم وغفرت له ما لا تعلمون" (١). ذكره الحافظ في "الفتح" (٢) وإيضاحه: أن في "الصحيحين" أيضًا عنه صلى الله عليه وآله وسلم [ص ٥١]: "كلُّ أُمتي معافى إلا المجاهرين" (٣). وعقَّبه البخاري (٤) بحديث ابن عمر مرفوعًا: "يدنو أحدُكم من ربه حتى يضع كَنَفه عليه، فيقول: عملت كذا وكذا، فيقول: نعم، ويقول: عملت كذا وكذا، فيقول: نعم، فيقرره، ثم يقول: إني سترت عليك في الدنيا فأنا أغفرها لك اليوم".

وفي معنى هذا أحاديث أخرى في أنَّ من ستره الله عزَّ وجلَّ من المؤمنين في الدنيا لم يفضحه في الآخرة.

ومن السرِّ في ذلك ــ والله أعلم ــ أن الإنسان إذا أظهر المعصية كان ذلك مما يجرِّئ الناسَ عليها، أولًا: لأنه يكثر تحدّثهم بها فتتنبَّه الدواعي إلى مثلها (٥)، وقد قال الله تبارك وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النور: ١٩].

وثانيًا: لأنه إذا لم يُعاجل بالعقوبة هانت على الناس.

ثالثًا: لأن العاصي يتجرأ على المعاصي بعد ذلك؛ لأنه كان يخاف أولًا


(١) أخرجه أحمد (١٣٥٤١)، وابن حبان (٣٠٢٦)، والحاكم: (١/ ٥٣٤).
(٢) (٣/ ٢٣١).
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) (٦٠٧٠).
(٥) تحتمل: "فعلها".