وقول:{يُؤْمِنُ بِاللَّهِ} تنبيه على أن من أخبارهم التي تبلغه ما يأتيه به الوحي من عند الله، وهو مؤمن بالله، فكيف لا يصدّق ما يوحيه إليه؟
وقوله:{وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ} أي يصدِّقهم، كما اتفق عليه المفسرون.
فالمعنى: إن الأخبار التي تبلغه عنكم [ص ٣٢] فيصدقها، ليست إلا من أحد هذين الوجهين:
الأول: الوحي.
الثاني: إخبار المؤمنين.
إما بمعنى: الذين آمنوه وغيره من أن يكذبوا.
وإما بمعنى: المؤمنين بالله ورسوله.
وإما بالمعنى الثاني مع الإشارة إلى المعنى الأول.
ويظهر أن هذا الأخير أرجح، فالمعنى: أنه يصدِّق المؤمنين الذين آمنوا بالله ورسوله، وظهر للرسول وغيره بطول اختبارهم ما بان به صحةُ إيمانهم، وتحرّيهم ما يقتضيه الإيمان من الصدق وغيره، وتجنّبهم ما ينافيه، فبذلك جعلوا النبيّ وغيره ممن عَرَف حالَهم لا يخافون منهم أن يأتوا ما ينافي الإيمان الراسخ من الكذب وغيره، فكما آمنوا النبيَّ وغيرَه من أن يَكْذِبوا كان من الحق أن يؤمِنَهم من أن يكذِّبهم، بل كان من الحقّ أن يصدّقهم.
فحاصل المعنى أنه صلى الله عليه وآله وسلم إنَّما يصدق من الأخبار ما كان صدقًا، إما يقينًا وهو الوحي، وإما ظاهرًا شرعًا وعقلًا، وهو خبر من عرف إيمانه واستقامته.