ولو تيقظت لكنت تقول: لقيت رجلًا لا أعرفه، فزعم لي أنه فلان بن فلان، وأخبرني.
وقد ترى رجلًا يقرأ ورقةً على شيخ، فتذهب فتنسخ تلك الورقة، وتقول: أخبرنا الشيخ.
ولو كنت يقظًا لكنت أولًا تتفقّد حالَ الشيخ عند القراءة عليه، فلعلّه يكون ساهيًا، أو ناسيًا، ثم تتفقّد حالَ القراءة، فلعلها أن تكون فيها خلاف المقروء.
في صور كثيرة أمثال هذه يتفاوت الناس في الاحتراز منها؛ فرُبَّ مؤمن صالح لا يتهمه العارف به بكذب، ولكنه لا يثق بكثير من أخباره. فخبر هذا لعدم ضبطه في معنى خبر الفاسق الذي لا يوثق بخبره لفسقه.
وقد يكون الرجل مؤمنًا صالحًا ضابطًا، ولكن يتفق في بعض أخباره أن يكون مظنّة للغلط، وتقوم قرينة على الغلط، فيكون خبره في هذا الموضع في معنى خبر الفاسق أو أضعف منه.
وذلك أن من قضية الإيمان أن تؤمِّن الناسَ من أن تأتي إليهم ما لا يحل لك، كما في الحديث المشهور:"المؤمن مَن أمِنَه الناسُ على دمائهم وأموالهم"(١).
ومما لا يحل: الكذب، فإذا أمنت الناس من الكذب كان عليهم أن يؤمِّنوك من التكذيب.