للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قال: أنا لا أستحضر ذلك، ولكن لعله في دلالة آيةٍ من القرآن لم أتنبّه لها، أو في سنة ثابتة محفوظة لم أقف عليها.

قيل له: فمن أين علمتَ أن ذلك موجود محفوظ؟ والأصل عدم الشرع، ولو كان هناك دليل على شَرْع هذه الأعمال لَعَلِمه العلماء أو بعضُهم، ولو علموه لأخبروا به وتُنُوقِل عنهم.

وادّعاؤك على الله عزَّ وجلَّ أنه شَرَع ذلك العمل، وليس بيدك دليل على ذلك، كذب على الله، وقد قال تعالى: [{وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ} [النحل: ١١٦]] (١).

[ص ٢٤] فأنت ترى أن مَن تحرّى شيئًا من المباحات زاعمًا أنه يُرجى لعامله الأجر والثواب دائرٌ بين الشرك والكفر والكذب على الله والتكذيب بآياته، وأقلّ أحواله أنه مبتدع ضالّ إذا عَذَرْناه فلم نُكفّره.

إذا تقرر هذا فكيف يسوغ قلب الحكم لمجرّد حديث ضعيف فيقال: لو لم يَرِد الحديث الضعيف لكان تحرِّي هذا العمل رجاءً للأجر والثواب إما شركًا وإما كفرًا، وإذا عُذِر صاحبه لم يكفَّر ولكنه مبتدع ضال، ولمّا ورد الحديث الضعيف بالدلالة على استحبابه صار تحرّيه رجاء الأجر والثواب جائزًا أو مستحبًّا.

وبعبارة أخرى: لولا الضعيف لما كان هذا العمل من الدين، ولكن


(١) ترك المؤلف مكان الآية بياضًا، والظاهر أنه أراد الآية التي أثبتّها.