شيء، وأدلة ذلك لا تحصى، وقد بسطها الشاطبي في "الاعتصام"(١)، وسأشير إلى بعضها:
فمنها: أن الله تعالى قسَّم الكفر في كتابه إلى قسمين: الكذب عليه، والتكذيب بآياته، والآيات في ذلك كثيرة، منها قوله تعالى:{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ}[العنكبوت: ٦٨]، وقوله تعالى:{فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ}[الزمر: ٣٢].
وكلّ من عمل عملًا يرجو ثوابه من الله تعالى، فقد نَسَب ذلك العمل إلى الدين، فإن كان عنده سلطان أنه من الدين وإلا فهو كاذب على الله تعالى، والسلطان إما يقينيّ بذاته كآيةٍ من القرءان قطعية الدلالة، وإما مُسْتَنِد إلى يقينيّ كحديث صحيح، فإنه ليس قطعيًّا في نفسه عند أكثر العلماء، ولكنه مستند إلى أصل قطعي، وهو وجوب العمل بالحديث الصحيح، فإن مجموع الأدلة على ذلك يفيد اليقين، وإن كان كلّ فرد منها لا يفيده.
وما لم يكن قطعيًّا ولا يستند إلى قطعيّ فهو من الخَرْص الذي قال الله تعالى فيه:{قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ}[الذاريات: ١٠]، ومن الظن الذي قال فيه:{إِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}[يونس: ٣٦]، فصاحبه كاذب على الله عز وجل ولا بدّ.