للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: بأنّ "ليس" فعل. قلتُ: هي فعل جامد فلا دلالة فيها على المصدر، فأما دلالتها على النفي فهي كدلالة حرف النفي، بل قال جماعة: إن النصب بعد الفاء مطلقًا ليس بواجب.

وقال الرضي في "شرح الكافية" (٢/ ٢٤٥): "وقد يبقى ما بعد فاء السببية على رفعه قليلًا، كقوله تعالى: {وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} [المرسلات: ٣٦]. وقوله (١):

* ألم تسأل الرَّبْعَ القواء فينطق *

وقوله (٢):

* لم تَدْرِ ما جزعٌ عليك فتجزعُ *

جاء جميع هذا على الأصل، ومعنى الرفع فيه كمعنى النصب لو نصب .... جاز لك أن لا تصرف في المواضع المذكورة إلى النصب اعتمادًا على ظهور المعنى ... ".

ومع هذا فقد جاء إهمال "أن" مضمرة وظاهرة، وعدّ ابنُ هشام (٣) من الأوّل قول الله عز وجل: {قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ} [الزمر: ٦٤]، وقوله:


(١) صدر بيت عجزه:
* وهل تُخبرَنْك اليومَ بيداءُ سَلْمق *
انظر "اللسان": (١/ ٣٠٠)، و"خزانة الأدب": (٨/ ٥٢٧).
(٢) عجز بيت صدره:
* فلقد تركتِ صغيرةً مرحومةً *
من قصيدة لمويلك المزموم. انظر "الحماسة": (١/ ٤٣٩) لأبي تمام.
(٣) في "مغني اللبيب": (٢/ ٨٣٩ و ١/ ٤٦).