للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قواه وسقط على الأرض سُئل عن حاله وتبيّن له أنه لم يقطع من الأرض مقدار أصبع! ! ثم انظر ألا يكون هذا أوضح حجة على فصاحة الشافعي؟

والعلماء يعرفون أن في لغة العرب اتساعًا تضيق عنه قواعد النحو أو تكاد، حتى إن في القرآن مواضع يصعب تطبيقها على تلك القواعد، كقوله تعالى: {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} [النساء: ١٦٢]، وقوله: {إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ} [طه: ٦٣]، وقوله: {وَقِيلِهِ يَارَبِّ} [الزخرف: ٨٨]، وقوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ} [المائدة: ٦٩]، وقوله: {وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ} [البقرة: ١٧٧] وغير هذا، حتى ألَّف بعض أهل العلم في مشكل إعراب القرآن خاصة. ولولا العلم اليقيني بأنه يستحيل أن يكون في القرآن لحن لَجَزم كثير من المتقيّدين بقواعد النّحاة بأن كثيرًا من تلك المواضع لحن.

بل قد روي عن بعض المتقدمين أنه زعم أن الكاتب أخطأ! وأُجيب عن ذلك بما هو معروف (١). ومما يُجاب به عن ذلك: أن القائل بأنه خطأ غَفَل عن تقدير معنويّ يصحّ به ذلك اللفظ، أو جَهِل لغة قبيلة من العرب غير قبيلته، ثم ظن أن القائل له: "هي في المصحف كذا" إنما عنى مصحفًا خاصًّا لا المصحف الإمام، أو لم يكن قد بلغه العناية التي قِيمَ بها في المصحف الإمام. ولا مانع أن يخفى التواتر عن رجل، كما يقال: إنه خفي على ابن مسعود في شأن المعوّذتين (٢).


(١) انظر "جامع البيان": (٧/ ٦٨٤ و ١٧/ ٢٤٠) للطبري.
(٢) أخرجه البخاري (٤٩٧٧)، وأحمد (٢١١٨١ و ٢١١٨٦).