للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن ضعّفوا هذا الأثرَ لأجله فالأمر فيه قريب فقد وثّقه جماعةٌ، خرّج له في "الصحيحين" مقرونًا بغيره، وخرّج له الحاكم في "المستدرك" وابن حبان في "صحيحه". وإن ضعّف لأجل أبي حنيفة فهو وإن تكلّم فيه بعضُهم فقد وثّقه كثيرون وأخرج له ابن حبان في صحيحه ... " (١).

ولا يشك عالمٌ أن قول الجماعة: "الذي روى هذا ليس ممن يُثبتُ أهلُ العلمِ حديثَه" لا يصلح أن يُراد به عاصم، فإن حال عاصم عندهم أعلى من ذلك، وقد قال أحمد وأبو زُرعة: "ثقة"، فأما أبو حنيفة فالكلام في روايته وخاصة لهذا الحديث معروف، ومنزلته عند ابن حبان تُعرف مما قاله في "الضعفاء" (٢). وقد نقل الأستاذ بعضه كما يأتي في ترجمة محمد بن حبان (٣).

ومع هذه المجاملة الشريفة من الشافعي وأنه قائل تلك الكلمة التي يبالغ بعض الناس فيقول: تكاد تكون هي رأس مال الحنفية: "الناسُ عيال في الفقه على أبي حنيفة"، وعَرْضه أقوال أهل الرأي مع أقوال فقهاء أهل الحديث جنبًا لجنب وكانت قبله مهجورة، حتى إن ابن المبارك ذكر شيئًا (٤) في كتبه فلم يزل به الناس حتى جاء عنه أنه قال في أواخر عمره: "لأن عشت لأخرجنّ أبا حنيفة من كتبي" (٥). وحتى تذاكر أهلُ العلم في مسألةٍ فقال


(١) وقد أطال المؤلف في "التنكيل": (١/ ٧٣٤) في نقد ابن التركماني.
(٢) "الضعفاء والمجروحون": (٣/ ٦١ - ٧٣).
(٣) من "التنكيل": (١/ ٧٤٥)، وانظر "التأنيب" (ص ١٤٥).
(٤) غير محررة في الأصل ولعلها ما أثبت.
(٥) "تاريخ بغداد": (١٣/ ٤٤٣).