للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثاني: الإجماع من السلف منعقد على وجوب معرفة الله تعالى وما يجوز عليه وما لا يجوز، فالتقليد إما أن يقال: إنه محصِّل للمعرفة أو غير محصِّل لها. القول بأنه محصل للمعرفة ممتنع لوجوهٍ:

الأول: أن المفتي بذلك غير معصوم، ومَنْ لا يكون معصومًا لا يكون خبره واجب الصدق، فخبره لا يفيد العلم.

الثاني: أنه لو كان التقليد يفيد العلم لكان العلم حاصلًا لمن قلَّد في حدوث العالَم ولمن قلد في قِدَمه وهو محال لإفضائه إلى الجمع بين كون العالَم حادثًا وقديمًا.

الثالث: أنه لو كان التقليد مفيدًا للعلم فالعلم بذلك إمَّا أن يكون ضروريًّا أو نظريًّا، لا جائز أن يكون ضروريًّا وإلا لما خالف فيه أكثر العقلاء، ولأنه لو خُلِّي الإنسان ودواعي نفسه من مبدأ نشئه لم يجد ذلك من نفسه أصلًا، [ب ٣٢] والأصل عدم الدليل المفضي إليه فمن ادّعاه لا بدَّ له من بيانه.

الوجه الثالث ــ من الوجوه الأُوَل ــ: أن التقليد مذمومٌ شرعًا، فلا يكون جائزًا، غير أنَّا خالفنا ذلك في وجوب اتِّباع العامِّيِّ للمجتهد فيما ذكرناه (١) من الصور فيما سبق» يعني: فروع الفقه «لقيام الدليل على ذلك، والأصل عدم الدليل الموجب للاتِّباع فيما نحن فيه، فنبقى على مقتضى الأصل.

وبيان ذمِّ التقليد قوله تعالى حكايةً عن قومٍ: {إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ} [الزخرف: ٢٣]، ذكر ذلك في معرض الذمِّ (٢) لهم».


(١) في الأصل: ذكره، والتصحيح من نسخة أ.
(٢) سقطت الكلمة من الأصل، وأضفتها من نسخة أ.