الأحاديث والآثار التي ذكرها أن التنفل يوم الجمعة قبل الاستواء مرغَّبٌ فيه، وأنها نفلٌ مطلقًا لكونها واقعةً قبل دخول وقت الجمعة على ما عليه الجمهور. وذهب الإمام أحمد وإسحاق بن راهويه إلى أن وقت الجمعة يدخل قبل الزوال، واستُدِلَّ لهما بأحاديث ذكرها المؤلف وتكلم على فقهها ومعانيها، ثم قرَّر أن تأخير أذان الجمعة إلى خروج الخطيب دليل ظاهر على أنه ليس للجمعة سنة قبلية؛ لأن صلاتها بعد خروج الخطيب ممنوعة، فلو كانت ثابتة لسُنَّ الأذان قبل خروج الخطيب حتى يتمكن الناس من فعلها بعد الأذان، فإن وقت الرواتب القبلية بين الأذان والإقامة، فلو قُدِّمت لم تقع الموقعَ.
ثم ذكر المؤلف أدلة القائلين بسنة الجمعة القبلية، وناقشها مناقشة تفصيلية، وتوسَّع في الكلام على الاحتجاج باللفظ الوارد في بعض الروايات في قصة سُليك الغطفاني:"أصلَّيت ركعتين قبلَ أن تجيء"، وأن زيادة "قبل أن تجيء" لم تثبت، وأن الاستدلال بها على ثبوت سنة الجمعة القبلية لا يصح.
وختم الرسالة بنصيحة للمثبتين أن يُبكِّروا إلى الجامع فيصلُّوا النفل المطلق إلى خروج الإمام ليحوزوا بذلك فضيلةً أعظم، وذكر أن الانكفاف عن الراتبة القبلية للجمعة امتثال للسنة، والإقدام عليها بعد العِلم بقيام الدليل على عدم مشروعيتها معصية.
وقد اختلف العلماء قديمًا في هذه المسألة، وكان شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم من المانعين، ووافقهما المؤلف وأتى باستنباطات وفوائد ومناقشات لا توجد عند غيره، وحرَّرها تحريرًا بالغًا. وللشيخ الألباني كلام في هذه المسألة ضمن كتابه "الأجوبة النافعة"(ص ٢١ - ٣٥).