ثم ذكر مجمل ما كان عليه قيام رمضان في العهد النبوي، وما صار إليه في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث استمر قيامهم في المسجد في جميع ليالي رمضان، فجمعهم عمر على إمام واحد، ولم ينكر عليه أحدٌ من الصحابة، فكان في ذلك حجة على صحة اجتهادهم، وعلى أنه لو اتفق مثل ذلك في العهد النبوي لما أنكره النبي - صلى الله عليه وسلم -. وبهذا خرج ذلك العمل المتصل عن البدعة، فإنه إذا قام الدليل على أن الحكم مشروع، وتُرِك في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - لعدم مقتضيه، ثم وُجد المقتضي بعده، فالعمل به حينئذٍ سنة لا بدعة.
أما عدد الركعات فقد تكلم عليه المؤلف، وذكر الأوجه التي وردت في الأحاديث والآثار، ونقل عن بعض الأئمة آراءهم، وقال في آخر البحث:"أما العدد المحتم فلا، وأما الأفضل فالاقتصار على الإحدى عشرة، وفي بعض الليالي ثلاث عشرة، إلّا إذا شقَّ عليهم إطالتُها حتى يستغرق الوقتَ الأفضلَ، فلهم أن يزيدوا في العدد، على حسب ما يخفُّ عليهم. وعلى هذا جرى عمل السلف".
وعقد فصلًا لبيان الاختلاف في الأفضل: أفي البيت أم في المسجد؟ وفرادى أم جماعةً؟ ذكر فيه بعض الآثار وأقوال الأئمة نقلًا عن كتاب محمد بن نصر المروزي وغيره، وقال في آخره:"ومن تدبَّر السنة وحقَّق ثم تتبع أحوال الناس، علم أنه قد تطرَّق إلى هذا الأمر غير قليل من الخطأ والغلط ومخالفة السنة، وشرحُ ذلك يطول". وبهذه الإشارة ختم الرسالة، ولم يدخل في التفصيل والشرح، فإن بيان السنة الثابتة يُغني عن الخوض فيما يخالفها.