الوجوب. ونقل ما يستلزم أنه - صلى الله عليه وسلم - اعتكف بلا صوم، وهو حديث عائشة عند البخاري ومسلم أنه اعتكف عشرًا من شوال، وفي رواية لمسلم:"اعتكف العشر الأول من شوال"، فإن أول شوال يوم العيد، وصومه حرام.
واحتج أيضًا بحديث الصحيحين عن عمر رضي الله عنه أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلةً في المسجد الحرام، قال: فأوفِ بنذرك". والليل ليس ظرفًا للصوم، فلو كان شرطًا لأمره - صلى الله عليه وسلم - به.
وذكر أيضًا الحديث الذي رواه الحاكم: "ليس على المعتكف صيامٌ إلّا أن يجعله على نفسه".
وقد أجاب عنه الصيلمي بما نقل المؤلف خلاصته، ثم ردّ عليه المؤلف بتفصيل، وناقشه في تأويله لحديث: "ليس على المعتكف صيام إلَّا أن يجعله على نفسه"، وطالبه الدليل الذي يقتضي اشتراط الصوم، وحديث "لا اعتكاف إلا بالصيام" سبق ما فيه. ولو فُرِض اعتباره دليلًا فهناك طرقٌ مسلوكة في الجمع بينه وبين سائر الأدلة، وهي أن نقول بنفي الكمال، كما قالوه في الأحاديث التي وردت بمثل هذه الصيغة.
وبعدما انتهى المؤلف من بحث هذا الموضوع ألحق به رسالةً منه إلى الصيلمي وردّ الأخير عليه، فيهما خلاصة ما سبق من الكلام في هذه المسألة. وتوجد على حاشية الصفحة الثانية تعليق نحوي لا علاقة له بموضوع هذه الرسالة، يشرح فيه جزءًا من متنٍ في النحو، وهو قوله:(الكلام هو اللفظ المركب المفيد بالوضع. وكل كلمة إما معربة وإما مبنية، والمعرب إما أن يكون أصليَّ الإعراب أو فرعيَّه، والمبني إما أن يكون أصليّ البناء وإما فرعيَّه).