الإسلام ابن تيمية وابن القيم إلى الآن (١)، وخاصةً في بلاد الهند وباكستان. والجمهور من أتباع المذاهب الأربعة يدَّعون الإجماع على وقوعها ثلاثًا، والقائلون بوقوعها واحدةً يذكرون الخلاف في ذلك منذ زمن الصحابة والتابعين، ويردُّون دعوى الإجماع، ويقولون: إنها من مسائل الخلاف. وقد ذكر الشيخان (ابن تيمية وابن القيم) في كتبهما نصوصًا كثيرة من مصادر مختلفة تبيِّن اختلاف السلف في هذه المسألة، بل من أتباع المذاهب الأربعة جماعة من العلماء ممن كان يفتي بأنها واحدة، كما فصَّل ذلك الشيخ سليمان العمير في كتابه "تسمية المفتين".
وقد احتدَّ النقاش في هذه القضية في هذا العصر بعد ما ألَّف العلامة المحدث أحمد محمد شاكر كتابه المشهور "نظام الطلاق في الإسلام" وقرَّر فيه أن الثلاث تقع واحدةً، ونصر مذهب شيخ الإسلام وغيره في هذا الباب، واحتجَّ لها بحجج شرعية ولغوية. فقام بالردّ عليه الشيخ محمد زاهد الكوثري الحنفي بكتابه "الإشفاق على أحكام الطلاق"، ودافع عن مذهب الجمهور، ولكنه على عادته لم يقتصر على البحث العلمي في القضية، بل تعدَّاه إلى التضليل والتبديع والتفسيق، حتى قال في موضع منه (ص ٨٩): "إن كان ابن تيمية لا يزال بعدُ شيخ الإسلام فعلى الإسلام السلام". فانبرى له العلامة المعلِّمي، وألَّف هذا الكتاب، وناقش أدلة الفريقين مناقشة علمية هادئة، دون أن يصرِّح باسم الكوثري أو أحد من المخالفين، وتكلَّم على المسألة بمختلف جوانبها، وحقّق الأحاديث والآثار الواردة فيها، ونثر
(١) ذكر الشيخ سليمان العمير في كتابه "تسمية المفتين أن الطلاق الثلاث بلفظ واحد طلقة واحدة" (ص ٢٧ - ٣٤) أكثر هذه الكتب المفردة.