بدأ الشيخ الكتابة الأولى بالإشارة إلى كثرة الضجيج من ارتفاع أجور العقار، وكتابة أحد العلماء في هذا الباب بما يفهم منه أن غلوّ الملّاك في زيادة الأجور عمل مذموم، فهو إما حرامٌ عليهم وإما قريبٌ منه. وما دام الأمر كذلك فعلى ولي الأمر منعُ الناس منه، وعليهم طاعته كما في الكتاب والسنة، وقد أورد المؤلف بعض هذه النصوص.
ثم ذكر أن أحاديث التسعير ليس فيها نهيٌ عنه، وإنما فيها أن الناس طلبوا من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يُسعِّر فقال:"إن الله هو القابض الباسط الرازق المسعِّر، وإني لأرجو أن ألقى الله عزَّ وجلَّ ولا يطلبني أحدٌ بمظلمة ظلمتها إياه في دمٍ ولا مال". فهذه واقعة حال، وقوله هذا تعليل للامتناع عن التسعير في تلك الواقعة. ويحتمل أن يكون غلاء السعر الذي حدث حينئذٍ لم يكن مصطنعًا، فليس للإمام أن يسعّر حتى يتبينَّ له جَشَعُ التجار وتواطؤهم.
وتكلم بعد ذلك عن أحاديث النهي عن الاحتكار، وما رُوي عن سعيد بن المسيب ومعمر أنهما كانا يحتكران حملَه على وجهٍ غير الوجه المنهي عنه، فإن التمر مثلًا يكثر في الموسم ويُعرَض للبيع، فشراء التاجر حينئذٍ وادخاره إلى أن يحتاج الناس إلى التمر لقوته، وحينئذٍ ترتفع الأسعار في الجملة، فيُخرِجه للبيع، عملٌ لا تظهر فيه مفسدة، بل لو مُنِع التجار من الشراء حينئذٍ لتضرَّر أهل النخل. فهذا ــ والله أعلم ــ هو الذي كان يفعله معمر وسعيد، فلا يُترك لأجله العمل بالنهي عن الاحتكار. وبهذا ينتهي الكلام في الكتابة الأولى.
أما الكتابة الثانية فهي بعنوان "حول أجور العقار". وقد بدأها الشيخ أيضًا بذكر ارتفاع أجور العقار، وأن الشيخ عبد الله الخياط وغيره كتبوا في