آخرها، وجواز بيع جنسٍ منها بجنس آخر متفاضلًا نقدًا، ومَنْعه نسيئةً.
وعقد بعد ذلك فصلًا أوضح فيه الفرق الذي ذكره سابقًا بين القرض بربًا وبين بيع السلعة بثمن إلى أجل أزيد من ثمنها نقدًا، وبين السَّلَم في سلعة إلى أجلٍ بأقل من ثمنها نقدًا، وبيَّن أن العلة في الذهب والفضة الثمنية، وفي الأربعة الباقية الطعم أو القوت مع الادخار. ورجَّح أن العلة في النهي عن بيع الفضة بالذهب نساءً هو الربا فقط لأمور ذكرها، وأن العلة في الأربعة الأخرى يحتمل أن تكون الربا، ويحتمل أن تكون الاحتكار، وأن تكون مجموع الأمرين.
وفي آخر هذا القسم عقد بابين لبيان أحكام هذه الأجناس الستة:
الباب الأول في تبايعها مع النسيئة، وفيه فصلان: الفصل الأول فيما اتحد فيه جنس العوضين، تكلم عليه في فرعين: الأول فيما تظهر فيه زيادةٌ ما في العوض المؤجل لا يقابلها شيء في المعجل، والثاني فيما لم تظهر فيه زيادة ما في المؤجل. وذكر صورهما. والفصل الثاني: في بيع واحدٍ من الستة بآخر منها نسيئةً.
الباب الثاني في تبايعها نقدًا، ذكر فيه أن الذي حرَّمه الشارع هو البيع بالزيادة والرجحان، فقد صحَّ قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فمن زاد أو ازداد فقد أربى"، وأرشد إلى المخلص من ذلك بقوله:"بعِ الجَمْعَ بالدراهم، ثم اشترِ بالدراهم جَنِيبًا"، وقال:"فاذا اختلفت هذه الأصناف، فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيدٍ". وتكلم المؤلف على معنى قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا ربا إلَّا في النسيئة"، وبيَّن كيف جمع العلماء بينه وبين الأحاديث الأخرى، ورجَّح أن الربا في عرف اللغة خاصّ بالنسيئة، وقد دلَّ القرآن وحديث "لا ربا إلّا في النسيئة" على أنه في