للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إن قول مجاهد: "خرج علينا علي" ليس على ظاهره فهو عين التدليس.

أقول: قد صرحوا بأن مجاهدًا روى عن جماعة من الصحابة الذين عاصرهم وأنه لم يسمع منهم، وهذا تدليس عند جماعة من أهل العلم، وعلى القول بأنه لا يسمى تدليسًا فهو في معناه، خصوصًا على ما ذهب إليه الجمهور من حمل الرواية عن المعاصر على السماع وإن لم يعلم اللقاء، على أني لم أجد ما يصرح بسماع مجاهد من جابر، وقد راجعت مسند جابر في مسند أحمد فلم أر لمجاهد عنه إلا أحرفًا لم يصرح في شيء منها بالسماع.

ومع ذلك فقد روى منصور عن مجاهد عن ابن عباس حديث: "مر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - بحائطٍ من حيطان المدينة أو مكة، فسمع صوت إنسانينِ يُعذَّبان". ورواه الأعمش عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس، أخرجهما البخاري (١).

قال ابن حجر في "الفتح" (٢): إخراجه له على الوجهين يقتضي صحتهما عنده، فيُحمل على أن مجاهدًا سمعه من طاوس عن ابن عباس، ثم سمعه من ابن عباس بلا واسطة أو العكس، ويؤيده أن في سياقه عن طاوس زيادة. وصرَّح ابن حبان (٣) بصحة الطريقين معًا، وقال الترمذي (٤): رواية الأعمش أصح.


(١) رقم (٢١٦، ٢١٨).
(٢) (١/ ٣١٧).
(٣) في "صحيحه" (٧/ ٤٠٠).
(٤) عقب الحديث (٧٠).