للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي موضع آخر (١): عن يحيى بن بُكَير عن الليث عن جعفر بن ربيعة عن عبد الرحمن بن هرمز أن أبا سعيد الخدري كان يقول: "لا يركعنَّ أحدُكم حتى يقرأَ بفاتحةِ الكتاب"، قال: وكانت عائشة تقول ذلك.

أجاب الشيخ ــ عافاه الله ــ بقوله: ما حكاه البخاري عن أبي هريرة هو من طريق ابن إسحاق، ومُعارَضٌ بما ذكر مالك في "الموطأ" (٢) بخلافه، ويقول شارحه ابن عبد البر (٣): "هذا قول لا نعلم أحدًا من فقهاء الأمصار قال به، وفي إسناده نظر. وما حكاه عن أبي سعيد وعائشة من قولها .. ليس نصًّا صريحًا في عدم الاعتداد .. بل هو في إتمام الفاتحة قبل أن يركع ....

أقول: محمد بن إسحاق ثقة عند كبار الأئمة، وقد ساق البخاري في "جزء القراءة" (٤) كلامًا طويلاً في تثبيته، وقد صرَّح هنا بالسماع، فانتفتْ تهمةُ التدليس.

وأما ما في "الموطأ" فبلاغ منقطع لا تقوم به حجة، وربما يكون مالك إنما أخذه من عبد الرحمن بن إسحاق، فقد أشار البخاري إلى روايته نحو ذلك، وساق البخاري كلامًا في توهين عبد الرحمن هذا (٥)، والبخاري وشيخه ابن المديني إمامان مجتهدان مقدَّمان في معرفة النقل والنقلة، فلا يُدفَع كلامهما في ذلك إلا بحجة واضحة.


(١) (ص ٢٤٢، ٢٤٣).
(٢) (١/ ١١) ولفظه: "من أدرك الركعة فقد أدرك السجدة".
(٣) "الاستذكار" (١/ ٦٢) ط. دار الكتب العلمية.
(٤) (ص ٣٠١ ــ ٣٠٤).
(٥) (ص ٢٨٥ ــ ٢٨٧).