منها أتمّتْ لنفسها بعد أن صلَّت معه - صلى الله عليه وآله وسلم - ركعتين. وقوله:«إنه كان له - صلى الله عليه وآله وسلم - أربع، ولهم ركعتان ركعتان» يُحمَل على ما كان في الجماعة، فأربعتُه - صلى الله عليه وآله وسلم - كلُّها كانت في الجماعة، وأما أصحابه فإنما كان لكلٍّ منهم في الجماعة ركعتان فقط، فأمّا ركعتاهم الأخرى فإنما أتمُّوها لأنفسهم.
الوجه الثاني: أن يكون - صلى الله عليه وآله وسلم - أتمَّ، وقَصَروا.
الوجه الثالث: أن يكون - صلى الله عليه وآله وسلم - قَصَر وقَصروا، ولكنه أعاد صلاته، صلَّى بهؤلاء صلاةً كاملة، وبهؤلاء صلاةً كاملة.
أما الوجه الأول: فلم يذهب إليه أحدٌ فيما أعلم؛ لأنه قد ثبت من حديث عائشة وغيرها أن الصلاة كانت قبل الهجرة ركعتين ركعتين، فلما هاجر النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - أُتِمَّتْ صلاة الحضر، وبقيتْ صلاة السفر على ما كانت قبل (١).
وعلى هذا، فيتعين حملُ القصر الذي وقع في رواية قتادة عن سليمان بن قيس:«أنه إنما نزل يومئذٍ» على قصر آخر، وقد حمل جماعة من الصحابة، فمن بعدَهم القصرَ في الآية ــ وهو قوله تعالى:{وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} ــ على قصرٍ آخر خاصّ بالخوف، فمنهم من قال بقصر الصلاة في الخوف إلى ركعة، ومنهم من قال: المراد بالقصر قصر الصِّفة.
وقد يقال: هو القصر إلى ركعة، ولكن بالنظر إلى الجماعة.
(١) أخرجه البخاري (٣٥٠، ٣٩٣٥) ومسلم (٦٨٥) عن عائشة. وفي الباب عن ابن عباس عند مسلم (٦٨٧)، وعن أبي هريرة عند أحمد في «المسند» (٩٢٠٠).