للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتقرر بهذا أنه يكفي في الائتمام في أصل الصلاة أن ينوي كلٌّ منهما الصلاة، وأن تتفق الصلاتانِ بأن لا تكون إحداهما صلاة جنازة، والأخرى ذات ركوع وسجود، ونحو ذلك مما هو مفصَّل في كتب الفقه.

فإن قيل: سلَّمنا أن الحديث صريح في أن الإمامة إنما شُرِعت للائتمام، ولكنا نقول: هذه العلة لم يجب العمل بحسبها تمامًا من أول الأمر، بل كان الأمر على التدريج، فكأنه قيل: المقصود من شَرْعِ الإمامة هو الائتمام في كل شيء، ولكن في ذلك الوقت رُخِّص بالإخلال ببعض ذلك لحكمة التدريج.

أو يقال: الإمامة إنما شُرِعت للائتمام، والائتمام يتفاوت، فاكتُفِي أولَ الأمر بائتمام غير كامل؛ لمصلحة التدريج إلى الائتمام الكامل.

قلت: في هذا نظر من وجوه:

الأول: أن الحديث وإن احتمل هذا المعنى، فهو محتمل لما قلنا، لعل ما قلنا أقرب.

الثاني: أن التدريج إنما يقع في الشرع لمصلحة، كالتدريج في تحريم الخمر وغيره، وقد تظهر المصلحة في سنة معاذ، وذلك أن المسبوق يَشُقّ عليه أن يتابع الإمام فيما هو فيه، ثم يقضي بعد ذلك ما فاته؛ لأنه قد يدركه في ثانية المغرب بحيث لا تحسب له تلك الركعة، وقد أتى ببعضها، فيحتاج إلى أن يتشهد معه التشهد الأول والثاني، وليسا محسوبَيْنِ له، ثم يقوم فيصلّي ركعة ويتشهد، ثم أخرى ويتشهد.

وقريب من هذا قد يتفق في الصلوات الأخرى، فأما إذا بدأ فصلَّى