للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأما الثاني فسيأتي الكلام عليه في الطريق الرابع (١).

وأما الأول فتقرير ما قام بأنفس العامة من الاحتجاج به أن يُقال: كما أن الخارقة إذا وقعت على يد مدّعي النبوة دلت على صدقه، فكذلك إذا وقعت على يد الصالح دلت على ولايته. وإذا ثبتت ولايته ثبت أنه كان على حق، فثبت أنّ كلَّ ما جاء عنه حق.

فأقول مستعينًا بالله عزَّ وجلَّ:

اعلم أولًا أنني بحمد الله تعالى لا أنكر الولاية ولا الكرامات، وأني بفضل الله عزَّ وجلَّ أحب كلَّ من عُرِف بالخير والصلاح والولاية، وأرجو الله تبارك وتعالى أن ينفعني بمحبتي لهم.

واعلم أيضًا أنني على يقين بأن ما أكتبه هاهنا مرضي عند أولياء الله تعالى؛ لأن فيه تبرئة لهم عما يظنه بهم الجاهلون وينسبه إليهم الغافلون، وتمييزًا لهم عمن يتستر بدعوى أنه منهم وهو أبعد الناس عنهم.

ثم اعلم أن الخوارق المنقولة عن صُلحاء المسلمين إذا وزنّاها بما توزن به سنة رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم وجدنا غالبها لا يثبت. ولا تَسْتَبْعِدَنَّ الكذب في اختلاق الكرامات، فإن الناس قد كذبوا على ربهم، فنسبوا إليه الابن والبنات والشركاء، وادعى بعضهم الألوهية، وبعضهم النبوة، وبعضهم أنه يوحى إليه. وكذبوا على رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم كما تقدَّم، مع أن الكذب عليه كذب على الله عزَّ وجلَّ، لقوله تعالى:


(١) وهو بحث «الاطلاع على الغيب» الذي يشمل الإلهام والكشف كما يتضح من نسخة (ب) المشوَّشة.