خارقة [٥٩] تخيَّلتها صحّ لك أن تنسبها إليه، ولا يكون ذلك كذبًا؛ ويقول: إن لذلك الولي الحظَّ الكامل من وراثة النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم, وقد قال صاحب البردة:
دع ما ادَّعته النصارى في نبيِّهمُ ... واحكم بما شئت مدحًا فيه واحْتَكِم
وانْسُب إلى ذاته ما شئت من شرف ... وانْسُبْ إلى قدره ما شئت مِنْ عِظَمِ
فإن قَدْر رسول الله ليس له ... حدٌّ فيُعْرِب عنه ناطق بفم (١)
زاعمًا أن هذا حجة على أن للإنسان أن ينسب إلى النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ما شاء من الخوارق سواء رويت أم لم ترو.
وقد يكون الشيخ المنسوب إليه الخارق خيِّرًا في نفسه، ولكنه ابتُلِي بأولاد وأتباع يحبون أن يأكلوا بسببه الدنيا, فيخترعون الخوارق ويدّعونها له ويلبِّسون على الشيخ نفسه، فيقول له هذا: رأيتك يا سيدي في المنام كذا وكذا، ويقول له الآخر: وقعت لي شدة فاستغثت بك فجئت وأنقذتني منها، وهكذا لا يزالون به حتى يعتقد في نفسه أنه من أهل الكرامات.
وفي المثل الفارسي:«بِيرانْ نَمِي بَرَنْد ومُرِيدَانْ مِيْ بَرَانَنْدْ». ومعناه: المشايخ لا يطيرون، ولكن المريدين يُطَيِّرُونهم.
[٦٠] فأما إذا كان الشيخ نفسه يميل إلى الشهرة وبعد الصيت ومحبة الدنيا فالأمر أوضح، وهذه أمور قد شاهدنا بعضها.
وقد يتعصب المريد لشيخه على شيخ آخر في عصره، فيحرص على أن ينسب لشيخه الخوارق والكرامات. وكثيرًا ما يفعل المريدون ذلك بعد