للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تلك الثلاث المفصولة، وعليه بنى الشافعي جوابَه في الوجه الرابع حيث قال: "وقد استحسنتم أن توتروا بثلاثٍ"، والظاهر أن ذلك قولٌ في مذهب مالك. والراجح عنده أن الوتر هو الركعة المفصولة.

قال الباجي في "شرح الموطأ": فأما المسألة الثانية في عدد الوتر، فإن مالكًا رحمه الله ذهب إلى أن الوتر ركعة واحدة، وبه قال الشافعي. وقال أبو حنيفة: الوتر ثلاث ركعات. والدليل على ما نقوله قول عائشة رضي الله عنها في الحديث: "يُوتِر منها بواحدةٍ" (١).

قال ابن رشد في "بداية المجتهد" (٢): وأما صفته ــ أي الوتر ــ فإن مالكًا رحمه الله استحبَّ أن يُوتر بثلاثٍ يُفصَل بينها بسلام. وقال أبو حنيفة: الوتر ثلاث ركعات من غير أن يُفصَل بينها بسلام. وقال الشافعي: الوتر ركعة واحدةٌ. ولكلِّ قولٍ من هذه الأقاويل سلفٌ من الصحابة والتابعين.

إلى أن قال: فمن ذهب إلى أن الوتر ركعة واحدة، فمصيرًا إلى قوله عليه الصلاة والسلام: "فإذا خشيتَ الصبحَ فأوْتِرْ بواحدة" (٣)، وإلى حديث عائشة أنه كان يُوتِر بواحدة (٤). ومن ذهب إلى أن الوتر ثلاث من غير أن يُفصَل بينها، وقصرَ حكم الوتر على الثلاث فقط ... إلخ.


(١) (٢/ ١٦١) ط. دار الكتب العلمية.
(٢) (١/ ٢٣٦ - ٢٣٨) ط. دار الكتب الإسلامية بمصر.
(٣) أخرجه البخاري (١١٣٧) ومسلم (٧٤٩) من حديث ابن عمر.
(٤) أخرجه أبو داود (١٣٣٦، ١٣٣٧) والنسائي (٢/ ٣٠، ٣/ ٦٥) وابن ماجه (١١٧٧، ١٣٥٨). وصححه ابن حبان (٢٤٢٢، ٢٤٢٣) وغيره.