للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الليل، قال: "مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل".

أقول وبالله التوفيق: قوله: "الوتر ركعة من آخر الليل" قد يقال: إنه يفيد الحصر، وهو أن الوتر لا يكون إلّا كذلك، وليس مرادًا هنا، لأن من قال به في مثل هذا شَرَطَ أن لا تمنع منه قرينة، وقد منعتْ منه ههنا قرائن، لأن القول به يقتضي أن لا تصلَّى تلك الركعة إلا مفصولةً، إذ لو وُصِلَتْ بركعتين مثلًا فإما أن ينوي بالثلاث وترًا، والوتر لا يكون إلّا واحدةً، وإما أن ينوي بالثنتين من قيام الليل وبالثالثة وترًا، ولم يُرِدْ مثل هذا مَن جمع صلاتين مختلفتين بتسليمة واحدة.

وقد ثبت عنه - صلى الله عليه وآله وسلم - الوصلُ بثلاثٍ وبخمسٍ وبسبعٍ وبتسعٍ، وورد في الإحدى عشرة إفراد واحدةٍ آخرَ صلاةِ الليل، كما يقتضيه هذا الحديث، وثبت عنه الثلاث عشرة بما يحتمله، وكل ذلك يُطلَق عليه لفظ الوتر.

من ذلك: حديث مسلم (١) عن عروة عن عائشة قالت: "كان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يُصلِّي فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء ــ وهي التي يدعو الناس العَتَمة ــ إلى الفجر إحدى عشرة ركعة، يُسلِّم بين كل ركعتين ويُوتِر بواحدة" الحديث.

ومن ذلك: حديث مسلم (٢) عن ابن عباس، وفيه: "فصلَّى ركعتين، فأطال فيهما، ثم انصرف فنامَ، ففعل ذلك ثلاث مرات بستّ ركعات، كلَّ ذلك يستاك ويتوضأ، ويقرأ هذه الآيات، ثم أوتر بثلاثٍ" الحديث.


(١) رقم (٧٣٦/ ١٢٢).
(٢) رقم (٧٦٣/ ١٩١).