للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أقول: وفي "تهذيب التهذيب" (١) في ترجمة إسماعيل بن عبدالرحمن القرشي: "قد أخرج الطبري وابن أبي حاتم وغيرهما في تفاسيرهم تفسير السُدّي مفرَّقًا في السُّور".

أقول: يؤخذ من هذا أنّ ابن أبي حاتم إنّما تجنَّب رواية السُّدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس. [ص ٦] وعن مرّة عن ابن مسعود وعن أناس من أصحاب النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -. وهذا يشهد لقول ابن كثير. ومع ذلك فإن كان هذا التفسير نسخة ذكر السُّدي هذا الإسناد في أولها، ثم ساق التفسير. فالذي يظهر بل يكاد يتيقّن أنّه لم يُرِد أنّ كل جملة من جمل التفسير محكية عن هؤلاء كلهم، وإنّما أراد أنّ منها ما هو عن أبي مالك من قوله، ومنها ما هو عن أبي صالح.

أقول: أسباط مُضعَّف، والسُّدّي فيه كلام، وأبو صالح لم يسمع من ابن عباس، وإنّما وجد كتبًا فروى منها. وقد دلّ نكارةُ ما يرويه على أنّ تلك الكتب لم تكن معتمدة؛ بل زعم الكلبي أنّ أبا صالح قال له: "كلُّ ما حدَّثُتك كذب"، ولكن الكلبي تالف.

واعلم أنّ هذا السند بهذا السياق رُوِيتْ به نسخةٌ من التفسير؛ فرَّقَها ابن جرير في مواضعها، وذكرها السيوطي في "الإتقان"، قال: "لم يُورِد منه ابن أبي حاتم شيئًا (٢)؛ لأنه التزم أن يُخرِج أصحَّ ما ورد، والحاكم يُخرِج منه في "مستدركه" أشياء ويُصحِّحه؛ لكن من طريق مرّة عن ابن مسعود وناس


(١) (١/ ٣١٥).
(٢) بل أخرج منه أشياء كما يظهر بمراجعة تفسيره.