للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا الحديث ممَّا يدلُّ على الفَرْق بين الجمعة والظهر، والله أعلم.

واستدلُّوا بما رواه الطبراني في «الأوسط» (١) بسنده إلى النبي - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: «مَنْ شَهِدَ منكم الجمعة فليُصَلِّ أربعًا قبلها وبعدها أربعًا».

والجواب: أنَّه حديثٌ ضعيفٌ، فيه محمد بن عبد الرحمن السهمي، كما في «شرح البخاري» (٢)، وقد ضعَّفه البخاري وغيره كما مرَّ، والله أعلم.

واستدلُّوا بحديث أبي داود وابن حبان (٣) من طريق أيوب عن نافع قال: «كان ابن عمر يُطيل الصلاة قبل الجمعة، ويصلِّي بعدها ركعتين في بيته، ويُحدِّث أنَّ الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يفعلُه».

والجواب: قال الحافظ (٤): وتُعُقِّب بأن قوله: «كان يفعل ذلك» عائد على قوله: «ويصلِّي بعد الجمعة ركعتين في بيته».

ويدلُّ له رواية الليث عن نافع عن عبد الله: أنَّه كان إذا صلَّى الجمعة انصرف فسجد سجدتين في بيته، ثم قال: «كان رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - يصنع ذلك»، رواه مسلم (٥).

وأما قوله: «كان يطيل الصلاة قبل الجمعة» فإن كان المراد بعد دخول الوقت فلا يصح أن يكون [ص ١٤] مرفوعًا؛ لأنَّه - صلى الله عليه وآله وسلم - كان يخرج إذا زالت


(١) (٢/ ١٧٢)، ولفظه: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلّي قبل الجمعة أربعًا وبعدها أربعًا ... ».
(٢) «فتح الباري» (٢/ ٤٢٦).
(٣) أبو داود (١١٢٨) وابن حبان (٢٤٧٦).
(٤) «فتح الباري» (٢/ ٤٢٦).
(٥) رقم (٨٨٢).