للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأمَّا رواية الشيخين عنه فهي محمولة على ما ثبت عندهما أنَّه حدَّث من كتابه، وليس هذا لأحدٍ غيرهما؛ لالتزامهما الصحيحَ وتحرِّيهما وتيقُّظهما.

وفي «تدريب الراوي» (١) للسيوطي عن ابن الصلاح قال: من حكم لشخصٍ بمجرَّد رواية مسلمٍ عنه في «صحيحه» بأنَّه من شرط مسلم، فقد غفل وأخطأ، بل ذلك متوقِّفٌ على النَّظَر في كيفيَّة رواية مسلمٍ عنه، وعلى أيِّ وجهٍ اعتمد عليه.

الوجه الثاني: قال في «تهذيب التهذيب» (٢): وذكر الأثرم عن أحمد بن حنبل أنَّ حفصًا كان يدلِّس. وقال ابن سعد: كان ثقة مأمونًا، كثير الحديث يُدلّس.

والمدلِّس لا يكون حجَّةً إلَّا فيما صرَّح فيه بالسَّماع، وقد عَنْعن في هذا الحديث.

الوجه الثالث: أنَّ الأعمش على جلالة قدره معدودٌ في المدلِّسين، والمدلِّس لا يكون حجَّة إلَّا فيما صرَّح فيه بالسَّماع، وقد عَنْعن في هذا الحديث.

نعم، قال الحافظ في «المقدمة» (٣) في ترجمة حفص بن غياث: «اعتمد البخاري على حفص هذا في حديث الأعمش؛ لأنَّه كان يُميِّز بين ما


(١) (١/ ١٢٩).
(٢) (٢/ ٤١٧).
(٣) «هدى الساري» (ص ٣٩٨).