رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يُصلِّ بنا حتى بقي سبعٌ من الشّهر، فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، ثم لم يقم بنا في التالية (١)، وقام في الخامسة حتى ذهب شطر الليل. فقلنا: يا رسول الله! لو نفَّلْتَنا بقيةَ ليلتنا هذه، فقال:"إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كُتِب له قيامُ ليلة". ثم لم يقم بنا حتى بقي ثلاث من الشهر، فصلى بنا في الثالثة ودعا أهله ونساءه، فقام بنا حتى تخوَّفْنا الفلاح". قيل لأبي ذرّ: وما الفلاح؟ قال: السحور.
قد عُرِف من عادة النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان، ويعتكف معه بعض أصحابه، فلعل المعتكفين هم الذين صلَّوا معه، وقد يكون معهم غيرهم ممّن هو في حكم المعتكف، فقد كان أهل الصّفّة لا مأوى لهم إلا المسجد.
نعم، قوله في الثالثة: "ودعا أهله ونساءه" يدلُّ على أنه يُشْرَع للإمام إذا كان معتكفًا أن يدعو أهله للقيام معه في المسجد في مثل تلك الليلة.
وفي "مختصر كتاب قيام الليل" لمحمد بن نصر (ص ٩٦): "قال مالك: كان عمر بن حسين من أهل الفضل والفقه، وكان عابدًا ... وكان في رمضان إذا صلَّى العشاء انصرف، فإذا كانت ليلة ثلاث وعشرين قامها مع الناس، ولم يكن يقومُ معهم غيرَها.
وقد يجوز أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما دعا من خَشِيَ أن يَغفُلَ في بيته، وفي قصته لمّا أيقظ عليًّا وفاطمة ما يدفع استبعاد هذا. والله أعلم.