للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: "فأوفِ بنذرِك".

قال الشرقاوي (١): واستُدِلَّ به على جواز الاعتكاف بغير صوم، لأن الليل ليس ظرفًا للصوم، فلو كان شرطًا لأمره عليه الصلاة والسلام به، لكن عند مسلم من حديث سعيد عن عبيد الله: "يومًا" بدل "ليلة". فجمعَ ابن حبان (٢) وغيره بين الروايتين بأنه نذرُ اعتكاف يومٍ وليلة، فمن أطلق ليلةً أراد بيومها، ومن أطلق يومًا أراد بليلته. وقد ورد الأمر بالصوم في رواية عمرو بن دينار عن ابن عمر (٣) صريحًا، لكن إسناده ضعيف ... إلخ.

قلت: ولذلك يَضعُف استدلالنا بهذا الحديث إلا من حيث الاستدلال باعتكافه - صلى الله عليه وسلم - العشرَ من رمضان ليلاً ونهارًا، كما مرَّ نقلُه عن ابن المنذر، فأما كونُه لم يُنْقَل أمره بالصوم فقد يحتمل أنه أمره ولم يُنْقل، أو أن عمر كان يعرف اشتراط الصوم للاعتكاف.

ومن الأدلة ما رواه الحاكم (٤) وقال: صحيح على شرط مسلم: "ليس على المعتكفِ صيامٌ إلا أن يجعله على نفسه".

فأجاب عليَّ السيدُ العلامة المذكور بما خلاصته:

الجمهور على أن الصوم شرط في الاعتكاف، لقوله - صلى الله عليه وسلم - : "لا اعتكافَ إلا بالصيام". ولو لم يكن الصيام شرطًا في الاعتكاف لما وجب في نذره


(١) "فتح المبدي" (٢/ ١٧٠).
(٢) في "صحيحه" (١٠/ ٢٢٦، ٢٢٧). وانظر "فتح الباري" (٤/ ٢٧٤).
(٣) أخرجه أبو داود (٢٤٧٤) والنسائي في الكبرى (٣٣٤١)، وفي إسناده عبد الله بن بُديل، وهو ضعيف.
(٤) "المستدرك" (١/ ٤٣٩).