عبد الرحمن بن يحيى المعلمي، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ونحمد الله إليكم حمدًا كثيرًا مؤبَّدةً أوقاتُه، والصلاة والسلام على خِيَرَة الخلق وآلِه، حَمَلةِ الشرع وهُداتِه، وأيَّده من نعش الهدى نهوضَه المبارك وغاراته.
أما بعدُ، فنقول:(مسألة) العترةُ جميعًا وابن عباس وعبد الله بن عمر ومالك والأوزاعي وأبو حنيفة وأبو ثور: الصوم شرط في الاعتكاف، لقوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: "لا اعتكافَ إلا بالصيام". ولو لم يكن الصيام شرطًا في الاعتكاف لما وجب في نذره كالصلاة. عبد الله بن مسعود والحسن البصري والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه: لا، لقوله - صلى الله عليه وآله وسلم -: "ليس على المعتكف صيامٌ إلا أن يجعله على نفسه"، أراد: الصوم لا يجبُ بنية الاعتكاف إلا حيث يجب الاعتكاف، جمعًا بين الأدلة وصيانةً لمنطقه عن اللغو، ولأنه مهما أمكن الجمع بالتأويل وجب. قالوا: قال لعمر: "أوف بنذرك"، وقد نذر اعتكافَ ليلةٍ. قلنا:"بيومها"، بدليل أن إحدى الروايتين أنه نذرَ اعتكافَ يومٍ، فثبتَ اشتراطُ الصيام في صحة الاعتكاف بالدليل وقياس العكس استظهارًا. وقياس العكس إثبات خلاف حكم الأصل في الفرع، فالأصل الصلاة، والفرع الصيام، والعلة عدم وجوب الصلاة بالنذر، أعني: بنذر الاعتكاف مصلِّيًا، وعكس العلة وجوب الصيام بالنذر، والحكم في الأصل عدم اشتراط الصلاة في صحة الاعتكاف، والحكم في الفرع خلافه، وهو اشتراط الصيام في صحة الاعتكاف، وبهذا يستوي قياسُ العكس على سُوقِه.