وزعم الطبري أنّه يُشعِر بأنّ المقام لم يكن حينئذٍ ملصقًا بالكعبة. ولم يصنع شيئًا.
أمّا كلمة "تقدّم" ــ إن صحّت ــ فدلالتها على الملاصقة أقرب؛ لأنّه كان في الطواف، فأنهاه عند الرّكن، فإذا واصل مَشْيه بعد ذلك إلى يَمْنة الباب فهذا تقدُّم، ولو كان المقام حينئذ في موضعه الآن لكان المشي إليه مشيًا عن الكعبة، فكان حقُّه أن يقال:"تأخَّر".
وأمّا قوله:"فجعل المقام بينه وبين الكعبة" فلا يخفى أنّ المصلِّي إلى المقام إذ كان بِلِصْقِ الكعبة إمّا أن يكون عن يمينه، أو يساره، أو خلفه، فإذا كان خلفه فقد جعله بينه وبين الكعبة.
فقد ثبت بما تقدّم ــ لا سيّما حديث عائشة رضي الله عنه ــ صحّةُ القول الثالث الذي عليه أئمة مكّة: عطاء ومجاهد وابن عيينة، مع أنّ الإنصاف يقضي بأنّ قولهم مجتمعين يكفي وحده للحجّة في هذا المطلب، والله أعلم.