للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بما سمعَتْ.

وفي "صحيح مسلم" (١) عنها أنّه - صلى الله عليه وسلم - قال لها: "فإن بدا لقومكِ أن يَبنُوها بعدي فهَلُمِّي لأُرِيَكِ ما تركوا منه" أي: من الحِجْر.

وصرّح بعض أهل العلم بأنّ إعادة بنائها على القواعد كان هو الأولى فقط.

وترجم البخاري في كتاب العلم (٢) لهذا الحديث: "باب من ترك بعضَ الاختيار مخافةَ أن يقصُرَ فهمُ بعض الناس عنه، فيقعوا في أشدَّ منه".

وإبقاء المقام في موضعه ــ بعد كثرة الناس هذه الكثرة التي عرفناها، ويُنتظر ازديادها ــ يترتّب عليه الخلل والحرج، كما تقدّم.

الوجه الثاني: أنّ الإنكار الذي خشيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مفسدةٌ عظيمة؛ إذ هو إنكار قلوب بعض من دخل في الإسلام، ولمّا يؤمنْ قلبه.

وإنكار هؤلاء هو ــ والله أعلم ــ ارتيابهم في صدق قوله؛ إذ قال - صلى الله عليه وسلم - لهم: "إنّ البناء الموجود يومئذٍ ليس على قواعد إبراهيم".

يقولون: لا نعرف قواعد إبراهيم إلا ما عليه البناء الآن، ولم يكن أسلافنا ليغيّروا بناء إبراهيم.

فيؤدي ذلك إلى تمكن الكفر في قلوبهم. ولهذا ــ والله أعلم ــ لم يعلن النبي - صلى الله عليه وسلم - القول، إنّما أخبر به أمّ المؤمنين.


(١) رقم (١٣٣٣/ ٤٠٣).
(٢) (١/ ٢٢٤ مع الفتح).