فيقال: كما صحّ توكيل المحرم وهو لا يملك التزويج، فليصح توكيل غير المجبر قبل الإذن.
الجواب:
بينهما فرقٌ من وجوه:
الأوّل: أنّ ولاية المحرِم تامّة، والإحرام مانع فقط، وولاية غير المجبر ناقصة، وإذنها جزء أو شرط، وقد قال الإمام الرازي (١): إنّ المناسبة لا تنخرم بوجود المانع، بل يبقى المقتضي تامًّا، وإنّما يتخلَّف الحكم لوجود المانع، فأمّا فقد الجزء والشرط فلا نزاع أنّ المقتضي لا يتمّ بدونهما.
بل قد تقدّم قُبيل الشبهة الأولى أنّ ولاية غير المجبر قبل إذنها بغاية الضعف، فارجع إليه.
الوجه الثاني: أن منع المُحرِم من العقد ليس لخللٍ في أصل النكاح والمقصودِ منه، وإنّما هو لاحترام النسك، والتوكيلُ لا يُشعِر بعدم الاحترام، بل نقول: إنّ منع المحرم من العقد ليس لمفسدةٍ ذاتية، وإنّما هو سدٌّ لذريعة الجماع في الإحرام. وأما منع غير المجبر من العقد قبل إذنها فإنّه لِما يُخشى من عقده أن يُخِلّ بمقصود النكاح من الألفة والمودَّة والرحمة بأن يزوِّجها من لا تهواه، ويَحرِمَها من تهواه؛ ولأنّ في ذلك افتياتًا عليها. وإذا كان الشارع قد نهى المجبر أن يزوِّجها حتى يستأمرها، فما بالك بغيره؟
(١) المسألة موجودة في كتب الأصول ونصُّوا فيها على قول الإمام الرازي ومخالفتهم له في انخرام المناسبة بوجود مانع.