الأول: أنّ صحة التصرف مع بطلان الوكالة خاصٌّ بما إذا كان الإذن صحيحًا كما مرّ في عبارة "شرح الروض"، وذلك خاص بالوكالة التي لا يكون فيها نقصٌ ما إلا التعليق، كقوله: إذا جاء رأس الشهر فقد وكلتك أن تبيع عبدي هذا. وسيأتي تحقيق ذلك في جواب الشبهة السادسة إن شاء الله تعالى.
الوجه الثاني: أنّ الفرق بين الوكالة الصحيحة والوكالة الفاسدة التي يصح معها التصرف لم يذكروا له ثمرةً إلا أنّه إذا سمّى للوكيل جُعلاً يبطُل المسمَّى وتثبت أجرة المثل. وهذه الفائدة إن اعتني بمراعاتها ففي باب الوكالة، فأمّا باب النكاح فإنّما يعتني بذكر الوكالة التي لها مساس بصحته، فإذا قالوا في باب النكاح: لا تصح الوكالة بكذا، لم يجز حمل كلامهم إلا على أنّ النكاح لا يصح بها.
ونصُّ الإمام الشافعي الذي قدّمناه إنّما ذكره في النكاح، [ص ١٤] وكذلك النصوص التي ذكرناها بعده من "المحرر" و"المنهاج" و"الروض"، فأمّا "المهذّب" فإنّ نصّه المتقدم عقب نص الشافعي هو في الوكالة، ولكن فيه دلالة أخرى تمنع احتماله لهذه الشبهة كما سيأتي.
الوجه الثالث: ولهذا المعنى الذي ذكرناه في الوجه الثاني فسّر ابن حجر والرملي في شرحيهما على "المنهاج" الضمير المستتر في "يصح" بالنكاح، ولفظهما مع "المنهاج"(١): " .... (لم يصح) النكاح (على الصحيح) ".