للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هذا مرسلٌ صحيحٌ (١)، وقد رفعه بعضهم، قال: "عن عروة عن عائشة" (٢). وله عواضد، وسيأتي بسط ذلك في البحث مع الإمام الشافعي رحمه الله تعالى.

ومفاده: أن الطلاق في أول الإسلام لم يكن له حد، فكان للرجل إذا طلَّق أن يراجع قبل مضي العدة، ثم إذا طلَّق فله أن يراجع، ثم إذا طلَّق فله أن يراجع، وهكذا أبدًا، فا تخذ بعض الناس ذلك طريقًا للإضرار بالنساء، فأنزل الله سبحانه وتعالى {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} (الآيتين: ٢ - ٣ من آيات البقرة).

فقوله تعالى في الآية الأولى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ} الآية، يحتمل في نزولها ثلاثة أوجه:

الأول: أن يكون نزولها متقدمًا على نزول ما بعدها بمدة.

الثاني: أن تكون نزلت مع ما بعدها معًا.

الثالث: أن يكون نزولها متأخرًا عما بعدها في النظم.

والأول أقرب؛ لأن التقدم في النظم يُشعِر بالتقدم بالنزول، وإن لم يكن ذلك حتمًا، ولأن ظاهرها عموم استحقاق الرجعة في كل طلاق، وهذا مطابقٌ للحكم المنسوخ بما بعدها، ولمرسل عروة وعواضده، فإن ظاهره أن قوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} أول ما نزل بعد شكوى المرأة، وذلك يقتضي


(١) أخرجه الترمذي عقب حديث (١١٩٢) وابن أبي شيبة في "المصنف" (٥/ ٢٦٠).
(٢) أخرجه الترمذي (١١٩٢) والحاكم في "المستدرك" (٢/ ٢٧٩) والبيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٣٣٣).